اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 456
يقال: الإِسلام درجة، والهجرة في الإِسلام درجة، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة. وقال ابن زيد: الدرجات: هي السبع التي ذكرها الله تعالى في براءة حين قال: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ ... إِلى قوله: وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ ... [1] . فان قيل: ما الحكمة في أن الله تعالى ذكر في أول الكلام درجة، وفي آخره درجات؟ فعنه جوابان: أحدهما: أن الدرجة الأولى تفضيل المجاهدين على القاعدين من أولي الضرر منزلة، والدرجات: تفضيل المجاهدين على القاعدين من غير أولي الضرر منازل كثيرة، وهذا معنى قول ابن عباس. والثاني: أن الدرجة الأولى درجة المدح والتعظيم، والدرجات: منازل الجنة، ذكره القاضي أبو يعلى.
[سورة النساء (4) : آية 97]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(341) أحدها: أن أناساً كانوا بمكة قد أقروا بالإِسلام، فلمّا خرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إِلى بدر لم تدع قريش أحداً إِلا أخرجوه معهم، فقتل أولئك الذين أقروا بالإِسلام، فنزلت فيهم هذه الآية، رواه عكرمة عن ابن عباس.
(342) وقال قتادة: نزلت في أناس تكلموا بالإِسلام، فخرجوا مع أبي جهل، فقتلوا يوم بدر، واعتذروا بغير عذر، فأبى الله أن يقبل منهم.
(343) والثاني: أن قوماً نافقوا يوم بدر، وارتابوا، وقالوا: غرّ هؤلاء دينهم وأقاموا مع المشركين حتى قتلوا، فنزلت فيهم هذه الآية. رواه أبو صالح عن ابن عباس.
(344) والثالث: أنها نزلت في قوم تخلفوا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يخرجوا معه، فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي، ضربت الملائكة وجهه ودبره، رواه العوفي عن ابن عباس.
وفي «التوّفي» قولان: أحدهما: أنه قبض الأرواح بالموت، قاله ابن عباس، ومقاتل. والثاني:
الحشر إِلى النار، قاله الحسن. قال مقاتل: والمراد بالملائكة ملك الموت وحده. وقال في موضع
صحيح. أخرجه الطبري 10265 من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس بأتم منه. وورد من وجه آخر عن أبي الأسود عن عكرمة عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا يكثرون سواد المشركين على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ الآية. لفظ البخاري. أخرجه البخاري 4596 والنسائي في «الكبرى» 1119 والطبري 10266 و 10267 والواحدي 356 وانظر تفسير القرطبي بتخريجنا.
مرسل. أخرجه الطبري 10272 عن قتادة مرسلا، وهو شاهد لما قبله.
عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وأبو صالح غير ثقة في روايته عن ابن عباس.
ضعيف. أخرجه الطبري 10268 برواية العوفي عن ابن عباس، والعوفي وهو محمد بن سعد واه، والصواب ما تقدم عن ابن عباس برواية البخاري. [1] سورة التوبة: 120- 121.
اسم الکتاب : زاد المسير في علم التفسير المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 456